آبل تتجاوز سامسونج وتعتلي صدارة سوق الهواتف الذكية عالميًا

آبل تتجاوز سامسونج وتعتلي صدارة سوق الهواتف الذكية عالميًا، في سابقة نادرة تتحدى الأنماط الموسمية المعتادة، وقد تحقق هذا الإنجاز مدعومًا بالأداء القوي لهاتف iPhone 16e، إلى جانب تمدد ذكي نحو أسواق ناشئة تشهد ديناميات نمو متسارعة.

وبحسب تقرير حديث صادر عن مؤسسة Counterpoint المتخصصة في أبحاث السوق، استحوذت آبل على 19% من الحصة السوقية العالمية، متقدمة على سامسونج التي سجلت 18%، رغم تراجع نسبي في مبيعات آبل داخل معاقلها التقليدية في أمريكا الشمالية وأوروبا والصين.

ما يلفت الانتباه في هذا الصعود ليس فقط تفوقه الرقمي، بل السياق الذي تحقق فيه، إذ سجّلت آبل نموًا مزدوج الرقم في أسواق مثل الهند، اليابان، جنوب شرق آسيا، والشرق الأوسط وأفريقيا—وهي مناطق لطالما اعتُبرت هوامش جغرافية، لكنها أصبحت اليوم روافع حيوية لنمو الإيرادات.

إزاحة موسمية في هيكل السوق

الهيمنة على الربع الأول من العام ليست أمرًا معتادًا بالنسبة لآبل، التي ترتبط ذروة مبيعاتها تقليديًا بالربع الرابع، تزامنًا مع طرح أجهزتها الجديدة في الخريف، غير أن تقديم موعد إطلاق iPhone 16e هذا العام مثّل خطوة محسوبة لاستباق المنافسة، ما مكّن الشركة من اقتحام مساحة كانت محجوزة تاريخيًا لمصنّعي هواتف أندرويد.

يمثّل هذا التفوق مؤشرًا على تحول بنيوي في إستراتيجية آبل، التي باتت تدير دفتها نحو أسواق ناشئة، في ظل حالة التشبع التي أصابت الأسواق المتقدمة، لم يعد النمو هناك مجرد رهان مستقبلي، بل ضرورة حالية تمليها حسابات الاستدامة في الإيرادات.

زخم مرحلي أم بداية إعادة رسم الخريطة؟

على الرغم من هذا الأداء المبهر، لم تغب التحذيرات من تلبّد الأفق الاقتصادي، فقد أشار تقرير Counterpoint إلى أنّ مكاسب الربع الأول قد تكون مؤقتة، في ظل عودة الحمائية التجارية وتزايد الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، ما بدأ يؤثر سلبًا على السلوك الاستهلاكي في أكثر من سوق.

نتيجة لذلك، عدّلت المؤسسة توقّعاتها السنوية إلى الانخفاض، مرجّحة احتمال تراجع طفيف في شحنات الهواتف الذكية خلال عام 2025 مقارنة بالعام السابق، التحولات الاقتصادية، لا سيما التضخم واضطرابات سلاسل التوريد، قد تطال حتى أكثر العلامات التجارية مرونة.

سامسونج تلتقط أنفاسها… وبقية المشهد يعيد التشكّل

في الجانب الآخر من المعادلة، افتتحت سامسونج العام بأداء متباطئ نسبيًا نتيجة تأخر إطلاق سلسلة Galaxy S25، لكنها سرعان ما استعادت توازنها بحلول مارس، مدفوعة بارتفاع مبيعات أجهزة الفئة العليا وسلسلة Galaxy A، مع أداء متميز لهاتف Galaxy S25 Ultra.

وعلى الصعيد العالمي، حافظت شاومي، فيفو، وأوبو على مواقعها في قائمة الخمسة الكبار، مع تسجيل فيفو قفزة لافتة بفضل أداء قوي في السوق الصيني والأسواق الصاعدة، كما شهدت شركتا هونر وموتورولا تحسنًا ملحوظًا في حضورها الدولي، فيما واصلت هواوي تعزيز قبضتها على السوق المحلي.

خلاصة المشهد: تفوق لا يكفي… والاستدامة مرهونة بالتكيّف

رغم ما تحققه آبل من إنجاز نوعي في هذا التوقيت غير التقليدي، يبقى السؤال الأهم: هل هو تفوق لحظي، أم إرهاص لتحوّل هيكلي مستدام؟ المؤشرات ترجّح الخيار الثاني، لكن تثبيت هذا الواقع الجديد يتطلب من آبل ما هو أكثر من الأجهزة المتفوقة—بل نظرة استراتيجية متجددة لتوقيت الإطلاق، تسعير المنتجات، وتركيبة الأسواق المستهدفة.

إنه فصل جديد في تنافس شركات التكنولوجيا الكبرى، تتداخل فيه حنكة التوقيت مع براعة الانتشار، وتختبر فيه الشركات قدرتها على قراءة السوق بعيون المستقبل، لا بمرايا الماضي.